طوئفة الصراع في الشرق الأوسط
الملخص
منذ احتلال العراق في عام 2003 والتفكير الاستراتيجي الأمريكي والغربي يتجه نحو توليد مقاربات جديدة تحاول أن تتبنى فيها أنموذجاً جديداً للتفاعلات الإقليمية، يقدم من خلاله خارطة جديدة لفهم مستويات الأداء والتعامل الفكري. ولأن إتجاهات التغيير لم تقتصر على العراق، إذ شهدت المنطقة موجات من التبدل السياسي ساهمت برمتها في إيجاد حالات خاصة من التفاعل الإقليمي، وانتقلت بموجبها أولويات التفكير وحسابات المصالح باتجاه طوئفة الصراع حيث لم يعد يشغل صانع القرار تفكيره بالدولة بقدر تحسبه بالجماعات الاجتماعية المذهبية وحركتها السياسية حيال المنطقة والداخل الذي تعيش فيه.
وبدلاً من أن تدور مراكز الفكر في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية في دائرة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وضمان أمن إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، أصبحت الاتجاهات تدور اليوم نحو تحجيم أو توسيع رقعة الصراع بين الجماعات الاجتماعية في المنطقة. لا ينفي الكلام المتقدم أهمية أمن إسرائيل لدى مراكز التفكير الاستراتيجية الغربية، إلا أن الأوضاع التي تعصف بالشرق الأوسط جعلت الكثير من دول المنطقة لا تنعم بالأمن سوى إسرائيل، وعليه لإدامة هذه الأوضاع أخذت مراكز التفكير تتبنى مقاربات توظف فيها الجماعات الاجتماعية كإحدى الوسائل المتبعة لتفتيت دول المنطقة ولإعاقة القوى الأخرى في النظام الدولي التي تسعى أو تبحث عن نفوذ في الشرق الأوسط، ودينامية هذا المقاربات تكمن في توسيع رقعة الصراع والعمل على تثبيته من خلال تراكمات وإشكاليات التاريخ وتوظيفها في البنى الثقافية الجديدة لإدامة أوجه الصراع لأطول فترة ممكنة في الإقليم.