إشكالية الدولة الوطنية والصراعات العرقية في إفريقيا
الملخص
ينظر للدولة الوطنية على أن يتوفر لدى تجمع بشري الرغبة في الحياة المشتركة سواء تحقق هذا الشعور بتوفير إحدى أو العديد من المقومات المهيئة لهذه الرغبة كوحدة اللغة أو الأصل أو وحدة الدين أو وحدة التاريخ المشترك أو الجوار الإقليمي الذي يولد وحدة المصالح أو غير ذلك من المقومات التي توفر لدى العنصر البشري الرغبة في الحياة الجماعية الواحدة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى ترسيخ الوحدة الوطنية والمصلحة الوطنية ومن ثم تفادي الأسباب أو العوامل التي تؤدي إلى التفكيك منها الصراعات العرقية([1]), والدولة الوطنية في مفهومها العام هو التنظيم الحقيقي والمجسد لمعنى الأمة. وفي هذا المستوى من التنظيم لا يصبح هناك فرق بين الدولة والأمة اللذان يشكلان وحدة كاملة، هذا الأمر تطلب قرونا من الثورات والتضحيات التي توجت بإنشاء اتفاقية ويستفاليا 1648، ومن بعد الثورة الفرنسية في 1789. إذا ما قمنا بعملية مقارنة بين هذا الإطار النظري للدولة الوطنية وبين واقع الدولة في إفريقيا، يمكن لنا أن نخلص إلى نتيجة وهي أن الدولة في إفريقيا لم تتمكن بعد، من الارتقاء إلى مستوى الدولة الوطنية كما هي معرفة. وانطلاقا مني ضعفا يتمثل أساسا في عدم تمثيل الدولة للمجتمع ، فالملاحظ في إفريقيا هو استحواذ جماعة أو جماعتين عرقيتين على السلطـــة وتطويــر جهـاز بيروقراطي هدفـــه هو، إعادة إنتاج التركيبــة الــعرقيــة والاجتماعية للنظام الحاكم مع الاعتماد على التأييد الخارجي، هذه الوضعية أفرزت أثارا عميقة على وحدة وتماسك الدولة والتي ظهرت في شكل صراعات عرقية تقودها حركات قومية تطالب بقيام دولة مستقلة كانفصال جنوب السودان عن شماله واستقلال أريتيريا عن إثيوبيا وانهيار دولة الصومال.