الصراع الدولي: مثابات متجددة في بيئة أمنية متغيرة
الملخص
تتأثر ظاهرة الصراع الدولي في شكلها ومضمونها بتأثير التغير الذي يحدث في النظام الدولي، والذي من شأنه أن يقود إلى حدوث تغير في طبيعة القوة، ونمط توزيعها على المستوى العالمي، ولا شكَّ أن النظام السياسي الدولي الراهن يتجسد في أنموذج القطب الأحادي، كما أن هناك أيضاً إحتمالات أخرى تستند إلى جملة من الدلائل والمؤشرات الموضوعية وتؤكد أن الحالة التي يمرُّ بها النظام السياسي الدولي ما هي إلا حالة إستثنائية وأَن النظام الدولي يمرّ من خلالها بمرحلة إنتقالية، وأَنها ستنتهي، كَسِواها إلى هيكلية سياسية دولية جديدة تختلف عن تلك التي إقترنت بها بدايتها. وبالرغم من سيادة التعاون بين الدول في هذه المرحلة الإنتقالية التي يمرَّ بها النظام الدولي، غير أن الصراع ما يزال يمثَّل أحد الأنماط الرئيسة في التفاعلات الدولية، والحالة هذه، فإن الصراع يمثل سمة جوهرية من سمات العلاقات الدولية وإنَّه كالمادة التي لا تفنى ولكنَّها تتحوَّل من حالة إلى أخرى. ومن ضمن التحولات التي إنتابت الصراع الدولي، هي توسَّع مجالاته، إذ لم تعدّ مجالات الصراع الدولي مقتصرة على الدول فحسب، وإنما أخذت تتعدى هذا المستوى التقليدي لتصل إلى مستويات جديدة، فقد دخلت البيئة ضمن مجالات الصراع الدولي، في حين لم تكن في السابق لترتقي هذه الأهمية في سلم العلاقات الدولية لولا ظهور مخرجات مهمَّة وحادة دفعت بها الى الظهور على السطح لتكون في أولويات إهتمام الدول والمنظمات الدولية، لعلَّ أبرزها إزدياد تكرار حدوث الكوارث الطبيعية والتهديدات البيئية وخطورتها وحجم خسائرها البشرية والإقتصادية الهائلة المباشرة وغير المباشرة الناجمة عنها وخاصة في السنوات الأخيرة من العقد المنصرم.